-
أكتُب للحبّ الذي بيننا .. للعاطفة التي لاحمَت روحين كانتا تحومان كفراشتين مُجهدتين في المدى الوسيع ..
أكتُب لذكرى اللقاء الأول .. للابتسامة التي لم تُفارق شفتينا ، للحديث الصامت الذي دار بين عينينا ..للقلق الجميل الذي حوّطنا كلما التقت نظراتنا ببعض وسط حديثٍ عشوائي ..
أكتبُ لذكرى الفراق .. للتاريخ الذي أحفظه جيدًا أكثر من عيد ميلادي .. فتواريخ الولادة والحياة لا تهمّني بقدر ما تهمّني التواريخ التي تسبّبت بموتي يومًا ..
أكتُب ليقيني بأنّ بعد كل الألم الذي نامَ بقلبينا طويلاً .. بعد السهاد الذي غفا على هدبينا .. بعد الطرق الطويلة التي افتُرشت بين قلبينا ، بأنّنا بعد كلّ ذلك سنعود ..
أكتُب للشوق الذي لم يخذلنا يومًا .. للحنين الذي لم يهدأ ولم يستكين .. والذي رغم الفراق لمْ يمُت ، بل زاد اشتعال لهيبه في قلبينا ، واقتاتت ناره على بقايا الذكريات ..
أكتُب لأن الحبّ أكبر من عنادي وكبرياؤك .. أكبر مني ومنك .. أكبر من تلك الخلافات التي تجعلنا بلحظة غضب ننعطف لطريقين مُختلفين ..
أكتُب عنك .. لأنّ حبّك الصرخة الأولى للحياة وزفرة الموت الأخيرة .. لأنّ الكون كلّه مُنفى وصدرُك وطن .. لأنّ الحبّ غُربة وعينيكَ انتماء .. لأنّ صوتك الذي يسقطُ على مسامعي كزخات مطر ربيعية ، احتواء .. لأنّك قريبٌ منّي كنبضة تتلحّف قلبي ، وبالوقتِ عينه بعيدًا عنّي كنجمة ثقبت صدر سابع سماء ..
أكتبُ عنكَ .. لأنّك مطبوعٌ كوشم فراشة على ظهري .. لأنّك خطٌ تائه بين خطوطٌ يدي المُتعرجة .. لأنّك هدبٌ يحوّط عيناي .. حديثٌ صامت أختزلهُ بقلبي .. حكاية أخبئها في صدري .. وشوشة حروف قصيدة على ثغري .. ودمعة مالحة تختبئ خلف أحداقي ..
أكتُب عنك ، لأنّك تسكنني .. وأنا أريدُ بطريقةٍ ما أن أحررُني منك ..
أكتُب لأوقظ النصوص الغافية على أصابعي .. أكتُب لأنفضَك من أطرافها على الورق .. لكنّ كلّما كتبتُك ، تصير الحروف حقل توتٍ وياسمين ، وردة حمراء بين دفتيّ كتاب عاشقة ، تصير طائرًا يغادر غصن الشجر ويحطّ بقلبي ..
تسكنني مرةً أخرى ، وبدلًا من أن أتحرر منك أتورطُ بكَ أكثر وأحبّك أكثر وأكثر وأكثر ..
-